كاميليا نار احترقت في نار

ليس جديدا أن تكون لبعض نجوم السينما نهاية مأساوية. وكأن القدر يريد أن يقول أنه أبرع المؤلفين في هذه الحياة. وأن ما يسطره من أحداث درامية يفوق خيال أعظم المؤلفين والكتاب.هكذا كانت حياة الفنانة المصرية ذات الأصول اليهودية كاميليا. أو ليليان كوهين وهو اسمها الحقيقي. ولدت عام 1919. في أحد الأحياء الفقيرة في الإسكندرية. ونشأت فتاة رائعة الجمال.

وفي صيف 1946 تعرفت في فندق وندسور بالإسكندرية علي فتي الشاشة آنذاك الفنان الوسيم أحمد سالم. والذي كان قد حضر لمشاهدة عرض خاص لفيلمه الجديد الماضي المجهول . واعجب بها وعرض عليها العمل في السينما. وأن يجعل منها نجمة شهيرة.
وعهد أحمد سالم إلي الفنان محمد توفيق أن يقوم بتدريب كاميليا علي الإلقاء والأداء والحركة واللغة العربية. واشتري لها افخر الثياب وأغلي المجوهرات. بعد أن نشأت بينهما من البداية علاقة عاطفية.
لكن أحمد سالم في النهاية هرب من الجميلة كاميليا ومن وعوده لها. وكانت شهرتها قد ذاعت في الأوساط الفنية. وانتهز يوسف وهبي الفرصة. لتعمل معه في فيلمه القناع الأحمر وكان من بطولة فاتن حمامة. وبدأت كاميليا بهذا الفيلم عام 1947 مشوارها الفني. فشاركت في أفلام الكل يغني مع أميرة أمير وفتنة مع يحيي شاهين. و خيال امرأة مع كمال الشناوي. و المليونير مع إسماعيل يس. و آخر كدبة مع سامية جمال وفريد الأطرش. وغيرها.
وكان الفنان أحمد سالم قد صحبها ذات يوم إلي ملهي الأوبرج بالأهرام. ليتباهي بها أمام الملك فاروق. الذي كان يقضي سهراته هناك. ورغم أن فاروق أعجب بكاميليا ذات الجمال الأخاذ. إلا أنه تظاهر بتجاهلها.
لكن لم تنته السهرة حتي كان الملك قد أمر كريم ثابت أحد أفراد حاشيته. بأن يصطحب كاميليا إلي قصر عابدين. ولم تفوت هي الفرصة. وذهبت إلي القصر حيث غنت للملك ورقصت له. ووقع فاروق في غرامها.
وفي ذلك الوقت كان الناس يتحدثون عن أن الجميلة اليهودية كاميليا استغلت علاقتها بالملك. وأخذت تمد إسرائيل بالأسرار التي كان فاروق يبوح لها بها. ما جعلها تعلن أنها لن تسافر أبدا إلي القدس أو إسرائيل. وقامت بجمع تبرعات للجيش المصري الذي كان يحارب في فلسطين.
وانتهت قصة الحب بين الملك وكاميليا حين دبر للقائها في قبرص. وسافر إليها علي ظهر اليخت فخر البحار . معتقدا أنه يمكنه أن يقضي معها عدة أيام دون أن يعرف أحد. لكن إحدي وكالات الأنباء التقطت قصة لقاء فاروق وكاميليا. وحدثت أزمة كبيرة بعد نشر القصة في مصر. مما جعل الملك يغادر قبرص علي عجل. تاركا كاميليا بعد أن ترك لها رسالة اعتذار ومبلغ 50 جنيها . مما اثار غضبها وجنونها.
قبل أسبوع واحد من نهاية القصة ونهاية حياة كاميليا. حلمت ذات ليلة بأنها في البحر. وكلما أرادت الخروج إلي سطح الماء وجدته يشتعل نارا. واستيقظت مذعورة لتروي في التليفون هذا الحلم أو الكابوس لإحدي صديقاتها قائلة أنها تخشي أن يصيبها مكروه في السفر. كأن تغرق بها طائرة مثلا. أما أن تحترق بها طائرة فهذا لم يخطر علي بالها.
كانت كاميليا التي أصبحت في فترة قصيرة جدا رمزا للإثارة والإغراء في السينما المصرية. قد اكتشفت خلال تصويرها لفيلم صاحبة الملاليم مع محمد فوزي وشادية وإسماعيل يس. أنها مصابة بمرض السل نتيجة إسرافها في السهر والشرب والتدخين.
ونصحها الأطباء بأن تسافر للعلاج في سويسرا. هكذا حاولت أن تحجز مقعدا علي طائرة شركة T.W.A لكن لم يكن هناك مكان علي الطائرة. لكنهم في اللحظة الأخيرة ابلغوها أن راكبا اعتذر عن السفر. وكان هذا الراكب الكاتب الصحفي أنيس منصور.
وصعدت كاميليا إلي الطائرة التي سقطت في إحدي قري الدقهلية بعد إقلاعها بقليل من مطار القاهرة. ليلقي كل ركابها مصرعهم ومن بينهم الجميلة كاميليا. التي نشرت أخبار اليوم صورة جثتها المتفحمة بين حطام الطائرة.
كتب كثيرون عن حادث مصرع كاميليا. لكن أكثر ما كتب بلاغة كان تحقيقا صحفيا مصورا. ذهب صاحبه علي مسرح الحادث والتقي بشهوده. وكتب الفصل الخير في حياة كاميليا ببلاغة تفوق أي روائي. لكن ما كتبه أنها كاميليا نار احترقت في نار.
أما توقيع صاحب التحقيق الصحفي المثير والذي نشر في أخبار اليوم وقتها.. فقد كان : محمد حسنين هيكل !